أثرُ الإيمان في فتوحات المسلمين
ولنضرب أمثلة على ذلك مما يتعلق بواقع الجهاد، وحركة الجهاد، وكيف يغير الإيمان المؤمن والأمة المؤمنة في هذا المجال: ماذا كان العرب في الجاهلية قبل الإسلام وقبل الإيمان؟!
وماذا كان جهادهم؟!
وعلى من كانوا يغيرون؟!
يقول شاعرهم:
وأحياناً على بكرٍ أخينا إذا ما لم نجد إلا أخانا
فهم يتخاصمون لأتفه الأسباب! فيغير بعضهم على بعض، ويسلب بعضهم بعضاً، وينهب بعضهم بعضاً، وإذا غزا أحدهم فأصاب قطيعاً من الغنم أو الإبل، افتخر بذلك في قصيدةٍ عصماء؛ لأنه حقق هذا الانتصار العظيم!!
والمنتمي إلى هذه الأمة الجاهلية نظرته محدودة، وفكره قاصر، وعقله محدود، وتأملاته وفكره لا يخرج عن دوائر معينه مظلمة، لكنهم لما آمنوا بالله وبرسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هل بقي ذلك الغزو والنهب والسلب ومعاداة الجيران والقبائل المجاورة؟ لا، بل ذهب ذلك كله، وتحولت هذه الأمة إلى أعظم أمةٍ فاتحةٍ في تاريخ الإنسانية، كما شهد بذلك أكبر فاتحٍ في تاريخ أوروبا التي يقدسها المغرورون من المسلمين، إنه نابليون، يقول: نابليون في كلمة مشهورة عنه لما استعرض الفتوحات: إن العرب قد فتحوا نصف الدنيا في نصف قرن.
وإذا نقلنا أي كلمة عن أي كافر فلابد أن نتأمل وندقق فيها ولا نأخذها أخذ الأعمى، فكلمة العرب لا محل لها؛ لأن العرب كان حالهم في الجاهلية هو ما قدمنا، إذاً الذين فتحوا هم المسلمون وليس العرب؛ هذا أولاً.
ثانياً: أنهم لم يفتحوا نصف الدنيا فقط؛ لأن الغربيين نظرتهم دائماً إلى أن أوروبا وأمريكا هي نصف العالم أو أكثر وبقية العالم غير معتبر، لكن في الحقيقة وفي الواقع أن المسلمين لما انطلقوا في الفتوح، فتحوا معظم العالم إلا المناطق الهمجية، ومنها العالم الهمجي الأوروبي الذي كان يعيش في عصور الظلمات والانحطاط.
إذاً المسلمون فتحوا معظم الدنيا في نصف قرن!! أي في خمسين سنة!! فهل كان الأمر مجرد انتصار عسكري ثم ينتهي ويضمحل مثلما هو الحال في الاستعمار!!
لا، بل كان الفتح فتحاً للقلوب وفتحاً للأرواح، وكان طمأنينة وأمناً وسلاماً، فكيف تغير التخطيط العسكري عند الإنسان الجاهلي ليصبح في الإسلام على هذا المستوى وبهذه العظمة؟!